إلى من ذهبت معهم وعُدت وحدي، الذكرى الثانية عشر للرحيل وأنتم لم ترحلوا بعد . بقلم الإعلامي الرياضي محمد إبراهيم:
أذكر كيف كانت الشمس يومها باهتة وكئيبة، لم تكن تُشبه تِلك الشمس المُبتسمة التي اعتدت أنت رسمها في جانب كُل صفحة من صفحات كُراستك عندما كُنت صغيرًا، صافرات القطار المُتجه لبورسعيد كانت أشبه بنعيق الغُراب الأسود، تُجبرك على العبوس حتى وإن كُنت ممن لا يؤمنون بالتشاؤم.
خطوات أقدامنا نحو ملعب المُباراة كانت ثقيلة، لم نكن بتِلك الرشاقة التي اعتدنا دخول المُدرج بها، يبدو أن الأمر لم يكن مُجرد إرهاق من السفر..
فالإرهاق لم ينل منا يومًا ياصديقي في طريقنا نحو المُدرج، عندما كان يصل الأمر لتشجيع الفريق في الكورفا خلف المرمى فلم نكن نعرف للإرهاق معنى.
أقسم لك إنني رأيته يومها في كُل شئ حولنا، رأيته مُتجهًا نحونا والبرد يدب في كل أرض يخطو عليها، رأيته عندما فُتحت أمامه البوابة السوداء البشرية، حتى بعدما انطفأت كل الأنوار من حولنا، حتى ونحن نهرول نحو بوابة كانت قد أُغلقت بإحكام " حاكم "، رأيته في عيون قاتليك ومن أمروهم بقتلك ومن مالت كفة الشر في ميزان قلوبهم ووقفوا يُشاهدونه يخترق جسدك ويُسقطك أرضًا.
الموت مؤلم -رُبما- لكن ألم مُشاهدتك وأنتَ تُفارق الحياة لا يوصف ياصديقي، لم تسقط في بورسعيد وحدك، سقطت معك وارتطم جسدي بالأرض مثلك تمامًا، روحك زُفت للسماء وروحي عادت لجسدي، لكن عادت أكثر نقاءً من ذي قبل، رُبما مُست روحي بنفحة طيبة من روح شهيد أو رُبما كانت تِلك آخر هداياك قبل الرحيل، لكن الأكيد أن بفضلك، عُدت شخصًا آخر من هُناك، شخصاً يعرف قيمة الأشياء، يتعقل، يُفكر ويشعر، الأكيد أنني عُدت من هُناك " إنسان ".
سَّلَامٌ عَلَيْك وعلى ذكرك وعلى ذكراك يامن خلقت فيمن حولك الأمل.
سَّلَامٌ على روحك وعلى أعيننا حين نراك وعلى من استبقك وعلى الشهيد المُحتمل.
إرسال تعليق