كيف نتخلص من القلق الناجم عن جروح الطفولة؟
“القلق هو استجابة لجهاز عصبي تعلّم منذ وقت مبكر أنه بحاجة إلى حماية نفسه.”
— الدكتورة هيلاري جاكوبس هندل
القلق كان حاضرًا في معظم تفاصيل حياتي: في الطريقة التي أظهر بها أمام الآخرين، وفي المواقف التي انسحبت منها، وحتى في العلاقات التي لم أعرف كيف أقترب فيها بثقة.
لسنوات لم أكن أعرف أن ما أعانيه يُسمّى قلقًا. كنت فقط أعرف ذلك القلب الذي يخفق بقوة، والصدر الضيّق، واليدين المرتجفتين، والعار الذي يغمرني بعد كل “فشل”، صغيرًا كان أو كبيرًا، والخوف الدائم من أنني لن أكون “كافية”.
كنت أظن أنني المشكلة. لكن الحقيقة أن القلق ليس خللًا شخصيا، بل جزءً منّا تعلّم البقاء في بيئة لم تلبِّ احتياجاتنا العاطفية، حيث كان الخوف أعلى صوتًا من الأمان.
أصل الحكاية: أين بدأ كل شيء؟
بدأت جذور قلقي في الطفولة.
كنت في الصف الأول حين عدت إلى البيت بنتيجة مدرستي، ووجدت نفسي في المركز السابع بين زملائي. لم أعرف حينها إن كان ذلك جيدًا أو سيئًا. كل ما أردته هو مشاركة والدي بالخبر.
لكن بدلًا من ابتسامة أو كلمة تشجيع، التمعت عيناه غضبًا، وتغيّر صوته إلى نبرة حادة جارحة وهو يصرخ: “ده وحش!”
لم أفهم وقتها أن خوفه هو ما كان يقوده—خوفه من أن يؤثر مستواي على مستقبلي، وأن القسوة ربما “تدفعني” للتحسن.
ما شعرت به كطفلة كان الصدمة، والمهانة، وجسدي الصغير يرجف. وتكوّن في داخلي استنتاج صامت:
صار الشعور بالنقص ملازمًا لي لسنوات طويلة، يظهر في مواقف لا أتوقعها. كنت أتجمد خوفًا عند محطات السيارات، رغم أن أحدًا لم يكن يضغط عليّ.
ومع الوقت ربطت هذا الخوف بذكرى أخرى: صراخ والدي عليّ كي أسرع في طابور موقف السيارات.
حتى بعد أن كبرت، ظل الجهاز العصبي يتصرّف كما لو أن الماضي يحدث من جديد.
نقطة الانهيار
حملت هذا القلق غير المعالج معي إلى البلوغ. وحين كنت في الأسبوع الخامس من حملي، تعرّض زوجي لحادث مأساوي دخل على إثره في غيبوبة، ثم رحل بعدها بأسبوعين.
فجأة وجدت نفسي وحيدة، حزينة، ومفلسة، ومسؤولة عن طفل قادم. لم يعد لدي رفاهية الهروب. كان عليّ مواجهة كل ما دفنته لسنوات.
خلال هذه المرحلة تعلمت ممارسات غيرت حياتي وساعدتني على تهدئة القلق والبقاء متماسكة.
10 ممارسات فعّالة للحد من القلق وإدارته
“ملاحظة مهمة: هذه النصائح ليست بديلًا عن العلاج النفسي أو الدواء، بل أدوات داعمة تساعد على استعادة التوازن والشعور بالأمان الداخلي.”
1. تحويل القلق إلى معلومة وليس تهديدًا
ثم أسأل نفسي:
-
ما الذي يحاول هذا الشعور إخباري به؟
-
ما جذره في تاريخي؟
-
ما الخطوة البسيطة التي تمنحني شعورًا أكبر بالأمان الآن؟
هذا التحوّل البسيط يجعلني أشعر بالسيطرة بدل الخوف.
2. السكون وتبسيط الحياة
3. تتبع الجذور عبر التأمل والمراقبة الهادئة
الصوم كان وسيلتي لإسكات الضوضاء كي تظهر الذكريات المدفونة.
4. التقاط الشعور الأول: الصدمة
5. الكتابة التفصيلية عن اللحظة الصادمة
الكتابة الصادقة تحرّر ما تم تخزينه كصدمة.
6. السماح بالحزن
7. تسمية الاحتياجات غير الملبّاة
الوعي بالحزن يفتح باب الفهم:
-
احتجت للأمان.
-
احتجت للقبول غير المشروط.
-
احتجت للصوت الدافئ بدل الصراخ.
معرفة احتياجاتي تجعلني أكثر قدرة على طلبها اليوم.
8. رؤية الوالدين في سياقهم الإنساني
9. مواجهة أسوأ السيناريوهات بدل الهروب منها
10. تحديد خطوات فورية وطلب المساندة
بعد تحديد أسوأ السيناريوهات أسأل:
-
ما أول خطوة عملية تمنحني أمانًا؟
-
من أول شخص يمكنني الاتصال به؟
-
من شبكة الدعم المتاحة لي؟
هذا يعيد لي شعور السيطرة ويطمئن جهازي العصبي.
في النهاية: القلق جزء مني… لكنه لم يعد يتحكم بي
لا تزال رحلتي مستمرة، ولا أتصرف دائمًا بهدوء، لكنني اليوم أفهم نفسي وأملك أدوات للتهدئة والاحتواء.
