كارثة سفينة يو إس إس إنديانا بوليس والمعركة مع اسماك القرش
بنيت سفينة "يو اس اس إنديانا بوليس" كطراد بحري ثقيل بدأت في مطلع عام 1929، بقيمة بلغت وقتها قرابة 11 مليون دولار أمريكي، لتدخل الخدمة ضمن أسطول البحرية الأمريكية في عام 1931م.
حيث خدمت لمدة 8 سنوات متتالية كسفينة القيادة لأسطول الكشافة الأول، ومن ثم عملت بقيادة الأسطول الخامس في معارك وسط المحيط الهادي خلال الحرب العالمية الثانية.
بعد نجاحها في نقل وتسليم شحنة يورانيوم سرّاً للولايات المتحدة الأمريكية بهدف بدء تجميع القنابل النووية التي ستُلقَى على المدن اليابانية لاحقاً خلال الحرب العالمية الثانية، الذي أُطلقَ عليه وقتها برنامج "الولد الصغير" (Little Boy)، حيث وُكّل إلى السفينة وطاقمها في بداية شهر تموز تموز 1945 نقل أجزاء القنابل النووية إلى قاعدة سلاح الجو التابعة لجيش الولايات المتحدة في جزيرة تينيان (Tinian) في المحيط الهادي
وذلك ليجمّع الخبراء والمهندسون القنابل التي ستُستخدم لاحقاً في الحرب على الإمبراطورية اليابانية.
وتمكنت السفينة وطاقمها من إتمام المهمة بسرعة وأمان وسرية بالغة، على الرغم من عدم وجود أي حماية وحراسة لسفينة "إنديانا بوليس" من الغواصات اليابانية التي كانت تجوب مياه المحيط الهادي ترقُّباً لمرور سفن البحرية الأمريكية لغرض إغراقها.
وفور إكمالها مهمة تسليم أجزاء القنابل النووية التي ستُقصَف بها مدينتا هيروشيما وناغازاكي اليابانيتان في وقت لاحق من شهر آب 1945، والتي على أثرها استسلمت اليابان وأعلنت هزيمتها أمام الولايات المتحدة الأمريكية
تلقى طاقم السفينة الأمر بالإبحار تجاه خليج الفلبين لإجراء التدريبات والاستعدادات اللازمة لاجتياح الأراضي اليابانية لاحقاً.
رغم إلحاح قبطان السفينة "إنديانا بوليس" للحصول على حماية بحرية وجوية أمام غواصات بحرية اليابان، قوبل طلبه بالرفض، ومرغماً تحرك بالسفينة تجاه السواحل الفلبينية.
وبعد منتصف ليلة 30 تموز 1945 بـ15 دقيقة فقط، وقعت الكارثة، تعرضت السفينة لهجوم من الغواصة اليابانية I-58، أغرقها وأغرق معظم طاقمها في غضون 12 دقيقة فقط، بعد تعرُّضها لإصابات مباشرة من 6 طوربيدات يابانية.
ومن بين طاقم السفينة الذي يضم نحو ألف و195 جندي، قُتل قرابة 300 مجند فوراً مع غرق السفينة، فيما عانى الـ895 الباقون تقلب درجات الحرارة والجفاف والجوع والتسمُّم بالمياه المالحة.
فضلاً عن هجمات القرش، لمدة 5 أيام متواصلة قبل وصول فرق الإنقاذ، التي لم تستطع تحديد مكانها على الرغم من إرسال السفينة 3 إشارات استغاثة قبل غرقها ورسالة رابعة من قائد الغواصة اليابانية، الذي أعلم البحرية الأمريكية بمواصفات السفينة الغارقة وإحداثيات موقع غرقها.
بسبب قلة عدد قوارب النجدة المتوافرة أُجبرَ عديد من أفراد الطاقم الذين لم يغرقوا على التعلق بجثث زملائهم الذي تعرضوا للغرق أو التشبث بعضهم ببعض في عرض البحر.
وعلى مدار 5 أيام في ترقُّب وصول فرق النجدة الأمريكية، تَعرَّض أفراد الطاقم لهجمات عنيفة ومتلاحقة من أسماك القرش التي تكثر في منطقة غرق السفينة، وسجّل بعض المصادر الأمريكية افتراس أسماك القرش أكثر من 400 مجند من طاقم السفينة. فعلى مدار 5 أيام متواصلة هاجمتهم أسماك القرش بلا رحمة، ومن لم تأكله أسماك القرش فقد تعرض للموت جوعاً وعطشاً أو أُجبرَ على الانتحار هرباً من هجمات القرش.
ومن ضمن 895 بحاراً نجَوْا من حادثة غرق سفينة البحرية الأمريكية "إنديانا بوليس" ليلة 30 يوليو/تموز 1945، لم يتبق على قيد الحياة سوى 318 شخصاً، إذ قضى البقية إما بسبب الأحوال الجوية ونقص الطعام والماء، وإما بسبب أسماك القرش التي اتخذتهم غذاءً على مدار 5 أيام متواصلة.
إرسال تعليق