حقيقة المهدي المنتظر

 مقالات - أقلام حرة - أحمد الأسيوطي :

المهدي المنتظر الذي يملىء الأرض عدلا بعدما ملئت جورا , هذه هي شخصية المهدي المنتظر في كل جماعة وطائفة ودين
وبالبحث وجدنا أن فكرة "المهدي المنتظر" تواترت في الاديان السماوية والوضعية وقد ثبت تسرب كثير من الافكار والمعتقدات والقصص الاخبارية الوضعية إلى رجال الاديان السماوية الذين تلقفوها وحوروها وأذاعوها 
ربما لأن بعضها قد يكون ذا أصل سماوي كما يرى البعض مثل الزرادشتية أو البوذية - ومن هذه الافكار فكرة :
" ظهور رجل ينشر العدل في الارض بعدما ملئت ظلما وجورا وتسود الشريعة على يديه ويظهره الله على الدين كله ".

 وهذا التواتر لا ينفي وجود " المهدي المنتظر " بل على العكس هو قرينة على وجود اصل لهذه الشخصية
فقد وجدنا بالبحث ما يلي :
(( وقد طرحت الديانة الزرادشتية موعودين يطلق على كل منهم اسم ((سوشيانت)). وكان هؤلاء الموعودون ثلاثة، أكثرهم أهمية الموعود الثالث، وقد كانوا يلقبونه ((سوشيانت المنتصر))
 
وجاء في كتاب شابوهرجان، من الكتب المانوية المقدسة :
خرد شهر إيزد لابدّ أن يظهر في آخر الزمان وينشر العدل في العالم...
سوشيانت، من الكتب الزرادشتية المقدسة جاء فيه :
استوت إرت، سوشيانت أو ألمنقذ العظيم. سوشيانس، أو موعود آخر الزمان.. وسيلة وعلاج جميع الآلام به ، يقتلع جذور الألم والمرض والعجز والظلم والكفر، يهلك ويسقط الرجال الأنجاس..
 
رسالة جاماسب، صفحة121:
سينشر (شوشيانت، المنقذ) الدين في العالم فكراً وقولاً وسلوكاً.
كما ورد في بعض المصادر والدراسات أن مسألة الإنتظار قضية مطروحة في الديانة البوذية (ففي الأعراف البوذية) كان هناك انتظار، والمنتظر هو بوذا الخامس. إن كل أمة من الأمم وشعب من الشعوب له معتقداته الخاصة وثقافته التي ورثها وأمله الذي ينتظره ليخلصه من محنه وآلامه، فكما أن الديانات الأخرى لها منقذها ومخلصها الذي سيظهر في آخر الزمان، كذلك البوذيين فإن مخلصهم ومنقذهم هو بوذا الخامس.
 
جاء في كتاب أوبانيشاد. المقدمة صفحة 54 ما نصّه, حينما يمتلىء العالم بالظلم يظهر الشخص الكامل الذي يسمى (يترتنكر: المبشر) ليقضي على الفساد ويؤسس للعدل والطهر... سيُنجي كريشنا العالم حينما يظهر البراهميتون.
وجاء في كتاب ريك ودا، ماندالاي ص 4 و24:
يظهر ويشنو بين الناس.. يحمل بيده سيفاً كما الشهاب المذنب ويضع في اليد الأخرى خاتماً براقاً، حينما يظهر تكسف الشمس، ويخسف القمر وتهتز الأرض.
 
فجميع الأديان والملل والنحل كان لها منقذ مستقل أو مشترك سموه باسماء مختلفة منها:
آرثر، أودين، كالويبرك، ماركو كر اليويج، بوخص، بوريان بو روبهم و.... يعتقدون أنهم حينما يظهرون ينشرون العدالة في الأرض.)) انتهى .
[ads1]
وقد وجدنا في الاديان السماوية السابقة وجود فكرة المنقذ او المخلص او المسيا .. فاليهود ينتظرون المسيح الموعود (وهو ليس عيسى بن مريم ) والنصارى ينتظرون المخلص وهو نفسه المسيح بن مريم الذي سيعود مره اخرى في اخر الزمان
ولكن الناس لم ينتبهوا إلى مجيء اخر الزمان وظهور المهدي المنتظر بالفعل وقد اظهر الله الدين على يديه ونشر السلام والعدل ورفع الظلم عن كاهل الامم والشعوب
ظهر الرجل بنفس المواصفات التي ذكر بها في الاديان الوضعية والسماوية
فالمهدي الذي كان ينتظره الجميع هو : محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين الذي دعا به ابراهيم عليه السلام والذي يجدونه " اليهود " مذكورا عندهم في الكتاب بصفته ونعته وشكله ولقبه والذي بشر به المسيح عليه السلام " ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه احمد "
وننقل عن انجيل برنابا ( الغير معترف به كنسيا ) على سبيل الاستدلال ما يلي :
الفصل السادس والتسعون
(( ولما انتهت الصلاة قال الكاهن بصوت عال : قف يا يسوع لأنه يجب علينا أن نعرف من أنت تسكينا لأمتنا ، أجاب يسوع : أنا يسوع بن مريم من نسل داود بشر سيموت ويخاف الله وأطلب أن لا يعطى الإكرام والمجد إلا لله ، أجاب الكاهن : إنه مكتوب في كتاب موسى أن إلهنا سيرسل لنا مسيا الذي سيأتي ليخبرنا بما يريد الله وسيأتي للعالم برحمة الله ، لذلك أرجوك أن تقول لنا الحق هل أنت مسيا الله الذي ننتظره ؟ ، أجاب يسوع : حقا إن الله وعد هكذا ولكني لست هو لأنه خلق قبلي وسيأتي بعدي ، أجاب الكاهن : إننا نعتقد من كلامك وآياتك على كل حال أنك نبي وقدوس الله ، لذلك أرجوك بإسم اليهودية كلها وإسرائيل أن تفيدنا حبا في الله بأية كيفية سيأتي مسيا ، أجاب يسوع : لعمر الله الذي تقف بحضرته نفسي أني لست مسيا الذي تنتظره كل قبائل الأرض كما وعد الله أبانا ابراهيم قائلا : (( بنسلك أبارك كل قبائل الأرض )) ، ولكن عندما يأخذني الله من العالم سيثير الشيطان مرة أخرى هذه الفتنة الملعونة بأن يحمل عادم التقوى على الإعتقاد بأني الله وابن الله ، فيتنجس بسبب هذا كلامي وتعليمي حتى لا يكاد يبقى ثلاثون مؤمنا ، حينئذ يرحم الله العالم ويرسل رسوله الذي خلق كل الأشياء لأجله ، الذي سيأتي من الجنوب بقوة وسيبيد الأصنام وعبدة الأصنام ، وسينتزع من الشيطان سلطته على البشر ، وسيأتي برحمة الله لخلاص الذين يؤمنون به ، وسيكون من يؤمن بكلامه مباركا .
الفصل السابع والتسعون : (( ... أجاب الكاهن : أيأتي رسل آخرون بعد مجيء رسول الله ؟ فأجاب يسوع : لا يأتي بعده أنبياء صادقون مرسلون من الله ، ولكن يأتي عدد غفير من الأنبياء الكذبة وهو ما يحزنني ... ))
وقد انتهى الفصل ولم يرد فيه ذكر لظهور مهدي بعد النبي محمد
فمواصفات المهدي في الكتب السابقة الوضعية او السماوية لا تنطبق الا على النبي محمد صلى الله عليه وسلم
وقد تسربت فكرة المهدي المنتظر بغموضها الذي كانت فيه الى طريق الفكر الاسلامي عن طريق الجماعات المتشيعة من الفرس ابناء الزرادشتية ومن اهل الملل والاديان الاخرى الذين دخلوا في الاسلام سواء بحسن نية او بسوء نية فدائما النفس البشرية اذا ما حل بها ظلم تشوفت وتطلعت الى ظهور شخص من رحم الغيب تقذ به الاقدار في طريقها ليوقف الظلم وينشر العدل ويعيد الى الارض السلام
----
الذين انكروا القول بوجود " المهدي المنظر "
------
ابن خلدون
تردد ابن خلدون في مسألة المهدي وانتقد الأحاديث الواردة فيه ثم قال:[وهي كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلا قليل] انظر مقدمة ابن خلدون (1/574)
محمد رشيد رضا
قال:[ وأما التعارض في أحاديث المهدي فهو أقوى وأظهر والجمع بين الروايات فيه أعسر والناكرون لها أظهر ولذلك لم يعتد الشيخان البخاري ومسلم بروايتها في صحيحهما وقد ضعف كثير من أئمة المسلمين أحاديث المهدي]
انظر تفسير المنار (9/416)
"وجملة القول أننا لا نعتقد بهذا المهديِّ المنتظَر، ونقول بضرر الاعتقاد به" مجلة المنار (7/ 4/ 138)

 
أحمد أمين
قال:[حديث المهدي هذا حديث خرافة وقد ترتب عليه نتائج خطيرة في حياة المسلمين ] انظر:ضحى الإسلام(3/243)

عبد الله بن زيد آل محمود - مفتى قطر 
قال:[ ودعوى المهدي في مبدئها ومنتهاها مبنية على الكذب الصريح والاعتقاد السيئ القبيح وهي في الأصل حديث خرافة يتلقفها واحد عن آخر وقد صيغت لها الأحاديث المكذوبة سياسة للأرهاب والتخويف]
في رسالته(لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر)(ص 58)
وقال المفتي القطري "اخترت هذه التسمية لتكون عقيدة حسنة، تتدلل بها الألسنة من كل مسلم ومسلمة، لاعتقادي أنها حقيقة مسلّمة".
 
محمد فريد وجدي
قال:[ ما ورد في المهدي المنتظر من أحاديث الناظر فيها من أولي البصائر لا يجدون في صدورهم حرج من من تنزيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قولها ,فإن فيها من الغلو والخبط في التواريخ والإغلاق في المبالغة والجهل بأمور الناس والبعد عن سنن الله المعروفة ما يشعر المطالع لأول وهلة أنها أحاديث موضوعة تعمد وضعها رجال من أهل الزيغ المشايعين لبعض أهل الدعوة من طلبة الخلافة في بلاد العرب أو الغرب]
دائرة معارف القرن العشرين(10/481)
 
الاستاذ حسن البنا :
(( فمن حسن الحظ !!!! لم نر في السنة الصحيحة مايثبت دعوى المهدي وإنما احاديثه تدور بين الضعف والوضع )) .
كتاب (( حديث الثلاثاء)) تسجيل وإعداد أحمد عيسى عاشور ( ص108)
 
محمد الغزالي :
((لما ألفت كتابي (عقيدة المسلم ) لم أذكر شيئا عن المهدي المنتظر ، وعندما خوطبت في ذلك ، وقيل لي : لم لم تذكره في علامات الساعة ؟ قلت : من محفوظاتي و أنا طالب أنه لم يرد في المهدي حديث صريح ، وما ورد صريحا فليس بصحيح ! و إذا كان ما ورد لم ينهض إلى تكوين حكم ثابت ، فكيف أجعله عقيدة تفصل بين بين الكفر والإيمان وأردفت ضاحكا : المشكلة الآن ليست في المهدي المنتظر ، إنما هي في المهدي غير المنتظر الذي يفاجئنا بظهوره بين الحين والحين ، ويزيد العدد في إحصاء الدجالين ....)
في كتابه مشكلات في طريق الحياة الإسلامية ص 106
وممن انكره ايضا الشيخ محمد عبده والشيخ ابو الاعلى المودودي والشيخ يوسف القرضاوي
---
[ads2]
ولن اتناول الاحاديث التي ذكرت المهدي ولكن لي علي عدم الاحتجاج بها حجة وقرينة اولا : فلم يرد ذكرها في كتاب البخاري او مسلم ثانيا : لو ان هذه الاحاديث يستحيل ان تكون مما يخفى على كبار الصحابة رضوان الله عليهم ومع ذلك لم ترو عن احدهم بل عند اختيار الخلفاء تخطوا عليا بن ابي طالب .. وهوتخطي يحمل شبهة العمد كما يرى بعض المؤرخين او المحققين .. فلو صح عن رسول الله قوله انه سيظهر مهدي من عترة النبي من ولد فاطمة لأستحسنت الامة بالاجماع جعل الخلافة فيهم تحسبا لظهور المهدي الذي سيظهر منهم .. دل ذلك على انه لم يصح في المهدي حديث عند كبار الصحابة اهل الحل والعقد .
والذي أراه ختاما في هذا الموضوع ان المهدي المنتظر هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس احد اخر بعده كما لم يكن احد قبله وهو الذي تنبأت به الكتب السابقة
#أحمد_الأسيوطي

اضف تعليق

أحدث أقدم