غادة قدري : عائض القرني من الطفرة إلى الصحوة


غادة قدري
لن أحتاج أن أذكركم بأن تريند اليوم "عائض القرني" الذي خرج علينا ليقول "أنا آسف" بسبب "الصحوة" والفكر المتشدد وشعارات الإيمان المزيفة التي كان ينادي بها، في الوقت الذي لا ينفع فيه الاعتذار بعد خراب مالطا أو "بمعنى أوضح" بعد أن خرّب عقول وأيدلوجيات أجيال امتدت منذ 4 عقود في المنطقة العربية.

القرني هو نفس الشخص الذي لم يمنعه ضميره من السرقات الأدبية، هو نفس الشخص الذي أبهرني حديثه وكتابه المسروق "لاتحزن" والذي كان في الأصل لكاتبة سعودية اسمها سلوى العضيدان وكان يحمل عنوان "لاتيأس" والذي أدين القرني بسرقته بعد صدور حكم عام 2012 لصالح الكاتبة وتغريمه حوالي 88 ألف دولار كتعويض للكاتبة على ما أذكر، وتم مصادرة الكتاب في المملكة، ولكن نسخه المزيفة مازالت تباع على الأرصفة في مصر حتى الآن!

محاكمة القرني 


القرني لم يردعه الحكم الذي أثبت أنه "حرامي كتب وأفكار" واعتدى على الملكية الفكرية مرة أخرى وسطا على محتوى كتاب شهير يحمل عنوان "صور من حياة الصحابة" لمفكر السوري عبد الرحمن رأفت الباشا، وأدانت المحكمة القرني مرة أخرى.
عائض القرني

الطفرة والصحوة 

وببساطة شديدة لو عدنا للوراء قبل 41 عاما وقرأنا سيرة هذا الرجل وحركته الشهيرة "الصحوة" سنجدها تلك الحركة التي نشأت في مواجهة حركة أخرى تحت مسمى "الطفرة" أسسها الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز آل سعود في فترة السبعينيات من القرن الماضي، والتي تزامنت مع زيادة عائدات النفط الذي كان قد اكتشف حديثًا وقتها، كان الملك فيصل يحلم بتقديم دولة منافسة للجمهوريات العربية المتقدمة، فقام بتأسيس الخطة الخمسية الأولى التي بدأت عام 1970 تحت مسمى "الطفرة" والتي كانت سببا في اغتياله عام 1975 شملت تلك الطفرة كل نواحي الحياة بما في ذلك الفنون والمسرح والسينما والغناء.


يبدو أن تلك "الطفرة" لم تعجب التيارات الدينية التي كانت تخطو خطواتها الأولى داخل المملكة إنه عقد نشوء وتشكل الجماعات الإسلامية في السعودية، تسلل المد الديني داخل المملكة بسبب خوف من المد الناصري، لقد تركوا لرجال الدعوة الإسلامية الحرية الكاملة، حتى ظهر تيار يسمى "الصحوة السعودي" الذي شن حربًا لا هوادة فيها في الفترة بين 1980 و2000 ضد الشعراء والفنانين والسينما والمسرح والتلفزيون بشكل عام، نشأت تلك الحركة بدعم من مجموعة علماء إبان حراكهم الدعوي لإيقاظ الناس من غفوتهم حسب وصفهم، بدأ مصطلح الصحوة في الظهور في حقبة الثمانينات الميلادية على يد عدد من الاشخاص في ذلك الوقت من أمثال :
سلمان العودة وعائض القرني وسفر الحوالي وناصر العمر وسعد البريك.


وبعدما تقلد الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود الحكم بعد اغتيال شقيقه الملك فيصل، تغيرت الأمور، فقبل ذلك في حقبة الستينيات كانت صور كل من يغني تكسو الأسطوانات المباعة وواجهات المحلات. وعندما ظهر مسرح التلفزيون أتى للرياض شباب الحجاز الذين يمتهنون الغناء مثل:
 طلال مداح، ومحمد عبده، وحجاب بن نحيت، وطارق عبدالحكيم، وآخرون. 

وكانوا يتغنون على مسارح الرياض العامة، ولم يكن هناك أي مشكلة، ولم تكن هناك أية صعوبة في إعلانها.


استمر رفض الموسيقى في حقبة الثمانينات داخل المجتمع وأخذت الصحوة زمام الأمور، وبدأت المدارس تعلم طلابها هذا التحريم، وبشكل قطعي لا يقبل الجدال.

حركة جهيمان العتيبي

جهيمان العتيبي
وحتى يوم 20 نوفمبر عام 1979 قام مجموعة من الشباب- تتراوح بين 200 إلى 300 شخص- باقتحام الحرم المكي بقيادة رجل يدعى جهيمان العتيبي، وأعلنوا ساعتها وسط المعتمرين المحتجزين أن زميلهم- وكان رجلا يقف بين الركن الأسود ومقام إبراهيم ويدعى "محمد عبدالله القحطاني" هو المهدي المنتظر، أسفرت تلك الحادثة عن مقتل مئات الأشخاص على مدار أسبوعين كاملين داخل الحرم، ويعتبرها البعض حادثة أسدلت الستار على عهد الفنون والموسيقى وظهور المرأة، إذ صدر أمر ملكي عقب تلك الحادثة يمنع النساء من الظهور في التلفزيون لفترة قصيرة، وبعد ذلك تم منع ظهور النساء في التلفزيون خلال شهر رمضان، ومنعت المطربات من الظهور نهائيًا، وأخذت حركة "الصحوة" تتغلغل في عقول الناس وامتدت حتى خارج المملكة وأسست للفكر الإرهابي الذي نشاهد انعكاسه حاليا.
---
غادة قدري
المصدر:غادة قدري

اضف تعليق

أحدث أقدم