Header Ads Widget

أشرف مصطفى توفيق : التاريخ المكتوب بقلم روج ,(1) : وحلمت كاميليا كوهين بعرش مصر!



التاريخ المكتوب بقلم روج ( أحمر شفاه ) هو العنوان الذي أختاره الكاتب والمؤرخ والمحقق التاريخي / أشرف توفيق , لسلسة من المقالات يتناول فيها تأثير النساء في مجريات الأحداث التاريخية والأدوار التي لعبنها في تاريخ بلدانهن سواء كنا ملكات أو امبراطورات , او ..كن عشيقات !!

الفنانة كاميليا والملك فاروق 

وقد اخترنا أن تكون الحلقة الأولى من مصر ..عن الملك فاروق وأخطر مغامراته الغرامية , فإلى التاريخ نعود , ونبدأ حكايتنا , وكان ..ياما كان.. و ..

كاميليا والملك فاروق

وحلمت كاميليا كوهين بعرش مصر ! 

كانت كاميليا (مارلين مونرو) الملك فاروق ..
وهي كومبارس يهودية من الإسكندرية اسمها الأصلى (ليليان كوهين) ، وقد أصحبت فيما بعد نجمة سينمائية شهيرة ومثيرة.
 ومثلما كان يجد (كينيدي) نفسه في أحضان (مارلين مونرو) استطاعت كاميليا بذكاء أنثوي حاد أن تتجاوز كل عيوب فاروق وتقنعه أنه أشد الرجال فحولة ، فكان يجد نفسه حين يسمع تأوهاتها ، وكانت تجد نفسها عندما تحصل على الماس.. 
وهكذا كما يقول عادل حمودة في كتابه (حكومات غرف النوم): 
اختلط العجز بالعهر، والجنس بالفساد، والدعارة بالسلطة، والسهر بالسياسة، ومثلما كانت المخابرات ثالث مارلين - كيندي , كانت نفسها ثالث فاروق - كاميليا! .

وقد جندتها الحكومة الإنجليزية وتركتها ترصد أنفاس فاروق وتحصيها حتى أنها أصبحت عميلة من الطراز الأول ، وإذا كان أغلب الظن أن مارلين مونرو قتلتها المخابرات لأنها تعرف أكثر مما ينبغي ، فإن هذا الظن - كما يعتقد البعض - يسري على كاميليا أيضًا ، فقد انفجرت طائرتها في الجو وتناثرت بقاياها فوق صحراء مصر الغربية ! . 

إن طراز فاروق هو طراز كيندي وطراز كاميليا هو طراز (مارلين) والقصة الأثيرة لدى الصحافة هي قصة ( مارلين- كينيدي ) وقصة (كاميليا - فاروق)!! .

فكاميليا هي فضيحة فاروق ، كما كانت مارلين فضيحة كيندي، فهي امرأة ليست مُحتجبة أو تعيش في الحرملك – أو لها جذور أو أُصول تمنع نزواتها.. أو تجعلها تتستر عليها، 
بل إنها واضحة كالشمس.. حادة كالسيف.. ممشوقة كالرمح، يراها الجميع في السينما.. والاستديو وبجوارها أحمد سالم، أو مع إسماعيل يس!!

إنها امرأة تُسيطر على الجهات الأربعة، وليست مُشكلتها أن تكون ملكة مصر.. أو زوجة ملك ، إنما مُشكلتها أن تكون مشهورة ومرغوبة جدًا.. ولو على أسنة جسدها!!.

ففاروق نفسه لم يعدها بشيء ، فقط حينما تدللت عليه مع مصور سينمائي شاب ادعت أنه خطيبها ، قال لها : 
«يا لكِ من عبيطة أيهما تُفضلين عشيقة ملك.. أو زوجة صعلوك ؟!».
ولم ترد بحسم أو غضب وإنما قالت : 
«ماذا أفعل معك، وأنا أشعر بأني مربوطة من رقبتي في حبل مُعلق في قصر عابدين!! » , ثم تذهب.. وتعود.. وترفض.. وتعود نادمة ! .

إن فاروق قد حدد موقع كاميليا منه، وهو يُحدد هذا الموقع بنوع الهدية التي يرسلها لها، فبينما أرسل بوللي إلى فاطمة طوسون بأغلى زجاجة شانيل .. وأُقيم عقد ماس عند وضعها ابنتها، أرسل لكاميليا ومع بوللي أيضًا.. قفصين برتقال!! وترك لها في إحدى الرحلات 50 جنية تحت المخدة ورحل!! حتى الملكة (فريدة) لم تهتز كثيرًا بالنعم الذي تعيش عليه الحاشية حينما علمت بوجودها ، فلقد جاءت في وقت كان البلاط به مُزدحم بالحكايات عن (آنى برييه) و(نُهى) أو ناهد رشاد وسامية جمال، ولكن فريدة لم تشعر بالخطر إلا من (فاطمة طوسون)!! .
وكان لها ادعاء غير مفهوم فيما بعد عن خطورة (نُهى) وحينما نشرت الصُحف في 5 سبتمبر 1946 – أن فاروق مع كاميليا – قالت فريدة : 
هذه نهاية فاروق، ستكون (السرايا الصفراء) كما فعلت مع إسماعيل يس في فيلمها الجديد !!
وغضب فاروق وقتها من كاميليا ، فقد شعر أنها هي التي سربت الخبر للصحف!
قال لها: «إن يوم 5 سبتمبر هو العيد الخامس والعشرين للملكة فريدة، إنه يوم ميلادها، وإنها (أي فريدة) ستعتقد أن هذه هديته لها في عيد ميلادها!!».

وبكت كاميليا وتمسكنت وحلفت أنها لم تتكلم، ولكن فاروق أهانها وعذبها وذكرها بأصلها وهويتها الدنيئة وقال لها: «لقد أردت أن أرفعك إلى عشيقة ملك، ولكنك لا تصلحين إلا عشيقة مُمثل!!» يقصد أحمد سالم.

أما حكاية هذه العبارة، فهي نفسها حكاية معرفة فاروق بكاميليا..

 فقد دخل فاروق والخادم بوللي وكريم ثابت إلى (أوبرج الأهرام) في أحد أيام صيف 1946، وبدأ فاروق ينظر حوله باحثًا عما يشده ويلفت اهتمامه، وفجأة فتح عينيه ليرى (كاميليا)! نوع من النساء تشبه ريتا هيوارث، إنها من نفس الطراز الذي يعجبه.. المُمتلئ، المُحددة تضاريسه وأنوثته !!
شعرها الأشقر الداكن كان مُمشطًا إلى الخلف ، من جبهتها ومُتجمعًا على شكل كعكة في مؤخرة رأسها، شفتاها كانتا مُمتلئتين، غليظتين وذات إغراء حسي، نفس الشفاه التي يحبها فاروق! وعيناها سوداوان واسعتان وذوات بريق، خداها مُستديران ووجناتها إلى أعلى .
إنها نفس صفات خدود فاطمة طوسون، وحينما قامت لترقص أعجب فاروق باستدارة الكعبين.. وجرأة النهدين ..
كاميليا كوهين



ولكن الذي جعلها أكثر جاذبية هو الرجل الذي كان معها ، والذي كان واضحًا أنه غارق في حبها، إنه المُخرج (أحمد سالم) !
 فقد كان فاروق مُصابًا (بالكليبتومانيا) العاطفية ، وهو مرض جنون السرقة ، وفيه يجد صاحبه في نفسه دافعًا قويًا لأخذ ما في يد الغير، ولا يستطيع إلا أن يستسلم لاندفاعه (1)!!

ويقول المُحللون أن هذا المرض قد عرفه فاروق بالنسبة للأشياء والبشر!! فهو لا يحب المرأة الخالية بل المشغولة !! 
هو لا يتكشف وإنما يحب المرأة المتكشفة.. ليس له ذوق وإنما يثق في ذوق الآخرين!! ودخلت كاميليا دنيا فاروق من بوابة عقدته هذه!! .

وبالطبع ذهب بوللي إلى مائدة كاميليا وانحنى في أدب وقال لها:
- إن جلالته يحب أن تُشاركه مائدته . 
وبسرعة انهارت تحفظاتها وأصبحت على استعدادا لأن تقول وتفعل ما يطلبه فاروق، ولم يكن في ذلك أي تملق في سلوكها. 
إن أُمها (أولجا كوهين) تُفسر ذلك في مُذكراتها التي نشرتها حديثًا حيث قالت:
(  لقد عرفت كاميليا فاروق لينقذها من هوى أحمد سالم، فقد كانت تشعر بأن أحمد سالم هو أقوى رجل في مصر، فلما رأت فاروق فشعرت أنه قوة السلطان التي ستغلب قوة الحب ! ) .
المهم أنها مُنذ اللحظة الأُولى سمحت له بالتسلل لأي مكان! وقبلت اقتراحه بزيارة الكوخ القريب من الأهرامات، وهكذا بينما كريم ثابت يقود أحمد سالم بعيدًا، فإن كاميليا وفاروق وبوللي أخذوا سيارة إلى الكوخ!.

ومن حجرة النوم، حيث الهدوء بلا نهاية والأهرامات تظهر كالأشباح في ضوء القمر، حرك المنظر والمكان والحدث كاميليا ووضع فاروق ذراعه حول خصرها وقال لها : هذه ليلة للذكرى، ولن أنساها أبدًا!! 

أما باقي تفسير عبارة فاروق لكاميليا فقد جاء في أوراق السفير البريطاني كيلرن ، ففي أوراقه ورسائله أشياء عن كاميليا وبخاصة في البرقية رقم: 224، 236.
أما اهم ما جاء في أوراقه: 

عام 1946 – فاروق يستأنف غرامه باليهوديات.


فتاة الملك هذه المرة (ليليان كوهين) المُمثلة التي اُشتهرت باسم كاميليا ، فقد التقطها مخرج منحها ألف جنية كأجر عن فيلم – وكأجر عن خدماتها الخاصة للمخرج !!
أراد المخرج أن يغيظ بها فاروق – فاصطحبها إلى أوبرج الأهرام وجلس على مائدة بالقرب من فاروق، وبعد مُغادرة الملهى أمر فاروق بمتابعة «كاميليا» حتى عرف اسمها وعنوانها وعرض عليها أن يصطحبها فكادت تطير من الفرحة فقبل ذلك بشهور كان صديقها حلاقًا يونانيًا!! , والآن سيكون صديقها الملك ! 

ولكن رسالة كيلرن رقم 236 لا تذكر كاميليا بمفردها ولكن تذكر مغامرات الملك مع الأميرة (مهوس طوسون) زوجة سعيد طوسون، شقيق حسن طوسون!
وأشياء عن «الأنسة زغيب» التي أنزلها الملك في جناح خاص في فندق (سمر بالاس) وينهى كيلرن رسالته بعبارة «إن العاهل الصغير ألقى بالتعقل في أدراج الرياح فيما يختص بعلاقاته النسائية !».

إذن ما هي خطورة كاميليا؟! 


إنها عشيقة إضافية في حياته ، امرأة (أوفرتايم)!! وهي ليست اليهودية الوحيدة في  قصره أو حياته، وإنما هناك إيرين جينيل، هيلين موصيري!!

إذن : ما هي خطورة ليليان كوهين التي وُلدت في 12 ديسمبر 1929 من أم مسيحية وأب يهودي، ونشأت شبه لقيطة حيث تنكر أبوها فيكتور كوهين من مسئوليته وأبوته بمجرد ولادتها! ؟

ثم إن أمها، امرأة غريبة الأطوار تزوجت ثلاث مرات وأحبت مرتين ولم تعرف رجلًا واحدًا مسيحيًا على ديانتها!!

بل إن كاميليا نفسها ورغم كونها مُمثلة شهيرة، لم تكن إنسانة كريمة فقد تعلقت بأحمد سالم ثم تركته ولجأت (ليوسف وهبي) ثم زهدت فيه وعادت لأحمد سالم.

ويُقال إن كل من (يوسف وهبي وأحمد سالم) دفع خلو رجل للآخر عنها ثلاثة آلاف جنية، فهي امرأة تُمثل وتقيم في شقة المخرج طوال مدة تصوير الفيلم!!

إن كيلرن يقول ذلك بألف جنية تمثيل وخدمات خاصة للمخرج!! وارتبطت فترة (بأنور وجدي) ثم اكتشفت أنه يغيظ بها (ليلى مراد) ولما وجدت المال مع اللصوص تفرغت لسليمان عزيز وصالح عوض لكن السجن فرق بينهم!!

إن هذه الأخلاق هي الخطر، فكاميليا قلبها مع اللي يكسب، الرجل في حياتها بمقدار ما يحقق لها من طموح، حتى أنها دفعت موظفين هما (سليمان عزيز وصالح معوض) لاختلاس مبالغ كبيرة لإنتاج فيلمها «أرواح هائمة» وتم القبض عليهما وسُجِنَا!! .

إن هذه هي أخلاق الجنس الناعم القابل للإغواء، ولأن أجهزة المخابرات اكتشفت مُنذ آلاف السنين علاقة لن تنتهي أبدًا بين المرأة والجاسوسية – قلبًا وجسدًا – هي أقصر الطُرق لاختراق أبواب السلطة الموصدة، وصناديق أسرار الحُكم المُغلقة!! .

تم تجنيد (ليليان كوهين) في مخابرات الجنس الناعم لنشر كل أخبار الملابس الداخلية للملك فاروق!! حتى وصلت إلى سوق السلاح في حرب فلسطين!! ولكن أي مخابرات: الانجليز أم الألمان أم إسرائيل؟! ..

ففي تلك الفترة المُبكرة، وخلال الحرب العالمية الثانية – واحتياج المخابرات البريطانية إلى عناصر نشيطة تمدها بالمعلومات كانت هناك وقائع لتجنيد فنانات!! 

( اذن لم يكن صلاح نصر هو أول من فكر في تجنيد الفنانات للعمل السري )  

ولقد تردد أسماء بعض هؤلاء، بعضهن تعاون مع المخابرات الألمانية ضد الإنجليز، وبعضهن مع المخابرات الإنجليزية ، وبعضهن مع الإنجليز والفرنسيين ( مثل أسمهان ) ، وبعضهن ترك علامة استفهام! 
ومن هؤلاء أربعة فنانات عملن بالمخابرات قبل الثورة وقدمت (سنية قراعة) أسمائهن إلى محمود فهمي النقراشي باشا! .

الأولى: الفنانة (أمينة البارودي) ملكة جمال مصر وسيدة المجتمع! .

الثانية: الراقصة (حكمت فهمي) أشهر راقصة مصرية وأُدينت في قضية تخابر مع الألمان ومعها (السادات)! .

الثالثة: الفنانة المعروفة (أسمهان) وماتت في حادث سيارة أبعد ما تكون عن القضاء والقدر! .

أما الرابعة: فهي الفنانة كاميليا التي لمعت فجأة ووصلت إلى فراش الملك وقصره!!

أما كيف تم تجنيدها؟! فلهذا قصة تلعب فيها الصدفة دورها!



وإلى اللقاء في الحلقة القادمة .. نحكي كيف تم تجنيد كاميليا وما هو الدور الذي لعبته في حرب فلسطين وتمكين اليهود من إقامة دولتهم وهزيمة الجيش المصري والجيوش العربية .. 
---
أشرف مصطفى توفيق 
كاتب ومؤلف كتاب نساء الملك فاروق , العرش الذي أضاعه الهوى 
اقرأ ايضا



هامش (1) ذكر ذلك كلٌ من اللواء محمد نجيب وياسين سراج الدين: فاروق كان عنده متحفًا للمسروقات الملكية فيه: ساعات وولاعات وسيوف ومسدسات وآثار فرعونية، هذه المُقتنيات منها ما يخص (توت عنخ آمون) و(عزيز المصري)، (جرج لطف الله)، (وشاه إيران)، (ومحمد علي باشا)!