بقلم ياسمينا عفيفي
"أدين لـ "
عندما تغفو عينا والدتي وتخلد إلى النوم، يستيقظ بداخلي طفل صغير ينكمش من الداخل ويختبيء خوفًا من الأشباح، ومن الخيالات الدخيلة، والهمهمات مجهولة المصدر، وتحضره قصص السرقات، وصور اللصوص، ولا يعلم أين يهرب ومِن ما يهرب!.
تلك الأفكار المفزعة عندما تطاردني تدفعني لشعور آخر أكثر إنسانية وهو "الامتنان".
أجدني أدين لـ أحاديث الجيران التي تتسلل إلى شرفة مطبخنا، أدين لـ ضحكات المارة العالية التي تخبرني أنه هناك بشر لازالوا مستيقظين ويملئون الشوارع بالضحك والمرح وأنني لست وحيدة فحولي الكثيرين.
أدين حتى لـ زقزقات العصافير عند الشروق التي تتجمهر حول شرفتي تحتضن هلعي الذي خلفّه صوت رافع الآذان وهو يُعلن بصوت بشع عن خبر وفاة أحدهم، تأتي ثرثرة العصافير لتهديء من روعي وتحثني على النوم بأمان فاستجيب لرسالتها الخفية وأسند رأسي وتنتهي ليلتي بسلام.
هذا الطفل بداخلي الذي يُدين لهذه الأشياء البسيطة كيف تكون سعادته بضيف خفيف وفّي ورحيم يأتي في العام مرة ليهديه أمان تام وسلام على مدار ثلاثين يوما..
يسلسل له الشياطين التي تخيفه، ويزين له الشوارع ويضيئها لأنه يعلم أن الظلام يزيد من خوفه وروعته، ويطيب نفوس البشر فلا يخشى هجومهم وخيانتهم لآمان منزله.
أنا أحب رمضان كثيرًا وكل الكلمات لن تستطيع وصف سعادتي بحضوره لأنه استراحتي من أفكار مزعجة تلاحقني على مدار العام.
إرسال تعليق