أشرف توفيق على هامش الثورة : تشريح جثة عبد الناصر


مع الحلقة الأخيرة من سلسلة مقالات : حكايات وأسرار على هامش ثورة الضباط الأحرار 
التي أبحر بنا في دهاليزها الكاتب الكبير والمستشار / أشرف مصطفى توفيق 
وقد جاءت السلسلة في عدة حلقات 
الحلقة الأولى : مخاض الولادة على هامش الثورة 
والحلقة السادسة نشرت في جزئين :
6 - 2 : تشريح جثمان عبد الناصر 
وهو الجزء الأخير من الحلقة الأخيرة وإليكم باقي الحكاية :
وفاة جمال عبد الناصر

وكنا قد توقفنا عند حديث الفريق طبيب / رفاعي كامل , طبيب الرئيس  الذي يقول :
وأكدت أن الوفاة ليست بسبب القلب، فإذا بهم يعلنون تأففهم وتبرمهم بحديثي، ويتساءلون: "ماذا تريد أن تفعل بالبلد؟!"

- من هم الذين أعلنوا ذلك حول جثمان عبد الناصر؟

- كنا في حجرة المكتب الصغير الملاصقة لحجرة نوم عبد الناصر وأذكر أن الذين تواجدوا في تلك اللحظات هم كالآتي: الدكتور الصاوي حبيب- دكتور آخر لا أذكر غير اسمه الأول (طه)، ثم سامي شرف ومحمد حسنين هيكل وأنور السادات وحسين الشافعي وشعراوي جمعه والفريق أول محمد فوزي ومحمد أحمد سكرتير الرئيس ومدير المخابرات أمين هويدي، ومحمد فائق..ولا أذكر إذا كان علي صبري جاء خلال تلك اللحظات أو بعد ذلك بقليل..
 وقد قالوا لي جميعا أن أقوالك ستسبب ضجة خطيرة بالبلاد (والدكتور منصور فايز) كان هنا قبلك أكد أن سبب الموت هو انسداد شرايين القلب، وأحسست بالحرج الشديد، وكل هؤلاء يوجهون لي نظرات نارية غاضبة، ثم جاءوا بالتقرير الطبي لكي أوقعه، وترددت مرة ثانية في التوقيع، ثم وقعت في النهاية وأنا في حالة سيئة من المفاجأة ومن موقف هؤلاء الحكام أو معاوني عبد الناصر!.

 ولكني أعترف بأنني وقعت التقرير والندم يملأ روحي! بعد ذلك طلب مني السادات أن أرافق الجثمان إلى المكان اللائق الذي أختاره بنفسي، وجاء الدكتور مصطفى كمال كبير الأطباء الشرعيين في مصر، وفحصنا معا حالة الجثمان، فلم نجد أي آثار لمقاومة وهو إجراء روتيني...
أذكر أنني طلبت أن أتحدث إلى السادات مرة أخرى بصفته نائب الرئيس،والتقيت به في حجرة المكتب الرئيسية ببيت عبد الناصر، وكان معه حسن التهامي،ودعا صبري وسامي شرف،وشعراوي جمعة،وعدت أتحدث عن أهمية تشريح الجثمان...

أول طلب لتشريح جثمان عبد الناصر 

وسألوني جميعا: لماذا؟ قلت حتى نتأكد أن الجسم ليس به أي سموم.. هذا ضروري أمام التاريخ والشعب.
ورفضوا جميعا تشريح الجثمان وفي الدرجة الأولى (أنور السادات) وعللوا رفضهم بأن التشريح سيحدث بلبلة.
قلت لهم ياجماعة سرعة ترسيب الدم كانت 22 % حتى صباح اليوم. 
وإذا افترضنا زيادتها فلن تزيد أكثر من عشر درجات، وحتى هذه الزيادة لا تسبب الوفاة،لا بد أنه هبوط السكر الحاد، وصمموا على رفض كل اقتراحاتي...

تقارير الأطباء : التقرير الطبي الرسمي عن وفاة عبد الناصر

ونبدأ من تقرير الأطباء عن وفاة الرئيس، وفيما يلي نص التقرير: 
أثناء توديع سمو أمير الكويت بالمطار في الساعة الثالثة والنصف من مساء اليوم 28/9/70 الموافق 27 رجب 1390 هجرية، شعر سيادة الرئيس بدوخة مفاجئة مع عرق شديد وشعور بالهبوط، وقد توجه سيادته بعد ذلك فورا إلى منزله بمنشية البكري حيث حضر على الفور الأطباء، ووجدوا عند سيادته أزمة قلبية شديدة نتيجة انسداد الشريان التاجي للقلب..
وقد أجريت لسيادته جميع الإسعافات اللازمة بما في ذلك استعمال أجهزة تنظيم ضربات القلب، ولكن مشيئة الله قد نفذت وتوفى إلى رحمة الله في الساعة السادسة والربع أثناء إجراء هذه الإسعافات.
وقد وقع على التقرير: دكتور رفاعي محمد كامل، دكتور منصورفايز،دكتور زكي الرملي،دكتور الصاوي حبيب، دكتور طه عبد العزيز .

ولكن فيما بعد أقر د. رفاعي محمد كامل بأنه وقع تحت ضغط حتى يوقع وبخاصة أنه أستاذ القلب الوحيد بينهم المتخصص أما دكتور طه عبد العزيز فلم يوقع على التقرير والتوقيع الموجود على التقرير للأسف ليس توقيعه؟!! 
(وهذا ليس اكتشافي ولكنه اكتشاف جمال سليم) .

التقرير الثاني : قطعة سكر كانت كفيلة بإنقاذ حياة عبد الناصر 

وتروى قصة أوردها كتاب (كيف قتلوا عبد الناصر؟) على لسان د. رفاعي كامل: بعد يومين من الوفاة استدعيت لأن تحية هانم حرم الرئيس كان بييجي لها خفقان في القلب، وكنت أعالجها، وبعدين سألتها عن اللي عمله الرئيس يوم الوفاة 

وقالت حرم الرئيس عبد الناصر: إن الرئيس بعد أن أخذ حقنة الأنسولين اليومية قعد على ترابيزة السفرة وأكل نصف تفاحة بالضبط ونزل "جري" وقال أنا أتأخرت عن الملوك والرؤساء. 
تحية عبد الناصر

وبعدين اتأخر في المطار لحد الساعة ثلاثة وشوية ورجع منهك ويتصبب عرق ورجليه بتلف على بعضيها وبعدين الصاوي أعطى له حقنة أنتستين وحقنة بانتوبون اللي هو من مشتقات المورفين. 
ولكن الدكاترة اللي جم بعد الصاوي سألوه: أنت اديته إيه؟ فلما قال لهم حقنة بانتوبون 
قالوا له: أديلوا حقنة ثانية؟! 
وبعدها راح الرئيس في غيبوبة 
ويقول د. رفاعي أنه فكر في كلام تحية هانم، وما رآه في بيت الرئيس يوم الوفاة من تقرير رسم القلب وتحليل الدم، وانتهى إلى أن عبد الناصر مات بكومة سكر!! وأنه لو أعطي قطعة سكر كان أنقذ!! 

(نلاحظ في الرواية أن حكاية طلب العصير والكوبين غير موجودة لأن العصير، على كلام د. رفاعي كان كافيا لإنقاذ الرئيس لوجود السكر مذابا فيه).وقد قرر نفس الشيء (محمود فهيم حارس عبد الناصر الخاص) فقال في حواره مع سليمان الحكيم: 
بعد وفاة الرئيس على نحو مفاجئ كثرت الأقاويل هنا وهناك حول أسباب الوفاة فمن قال مات بالسم ومن قال بالقلب ولكن دكتور رفاعي كامل، أكد لي أنها كومة سكر، وأنا من ناحيتي أميل إلى تصديق د. رفاعي لأنه واحد من أكبر أطباء القلب في مصر.. 

التقرير الثالث : تقرير الصاوي 

ونأتي إلى شهادة دكتور الصاوي الذي حاوره وداوره فيها (جمال سليم) ووصل فيها إلى اتهامه!!
س: من كان معك ومعه في حجرة نومه؟
جـ: المدام (يقصد تحية هانم حرم الرئيس عبد الناصر)..
س: ألم يكن الدكتور منصور فايز قد وصل بعد؟..
جـ: لأ، الدكتور منصور وصل بعدي بربع ساعة، والدكتور زكي الرملي اتأخر ولذا طلبت استعجاله من سكرتارية الرئيس فجاء بعد حوالي عشر دقائق.
س:هل قدمتم إليه شيئا ليأكله أو يشربه؟                              
جـ: على ما أعتقد أخذ كوب عصير قدمته له المدام، والمدام هي اللي كانت موجودة ولا أذكر أحدا من الأولاد، لكني أذكر أن المدام هي التي رأيتها، والموقف زي ما أنا فاكر كان يدعو إلى الخوف من الدقيقة الأولى 
(ولكن محمود الجيار مدير مكتب جمال عبد الناصر قرر لسليمان الحكيم في كتابه (الجيار يتذكر): أنه يتذكر غرفة عبد الناصر جيدا عندما دخلها وأنه وجد بجوار عبد الناصر كوب عصير كاملا؟!)

س: هل توصلت يا دكتور صاوي إلى هذا التشخيص بناء على الكشف الظاهري أم استعملت أجهزة قياس القلب ورسمه وما إلى ذلك؟      
 جـ: طبعا، استخدمنا جهاز قياس القلب والكشف وقمت بكل ما يلزم والتشخيص لم يكن يحتاج إلى شيء – يقصد أن التشخيص لم يكن صعبا – انخفاض الضغط وبرودة الأطراف، ومن هنا تبينت خطورة الوضع وشعرت لأول مرة أن الضغط يتسرب من بين يدي وينخفض بشدة والأطراف باردة، ولكنه كان متيقظا تماما وليس عنده أي خوف ولا كأنه في حاجة خالص وهو كان من الناس الذي لا يجيء انسداد الشريان التاجي بألم، لأنه لأول مرة جاء له لم يكن بألم، فنسبة من الناس لا يجيء لهم انسداد الشريان التاجي بألم من مرضى السكر بالذات .
(ثبت إنه لم يستخدم جهاز تنظيم ضربات القلب إلا بعد وفاة الرئيس وإنه لم يكن موجودا بالحجرة وأن د. طه عبد العزيز عند حضوره وقف مستغربا عندما وجد د. الصاوي يقوم بتدليك القلب يدويا، وأن الذي أحضر عربة الإسعاف وبها الجهاز اللواء عزيز..

وقد ذكر الجميع وخاصة السادة سامي شرف وشعراوي جمعة والفريق فوزي أنهم عندما حضروا كان الدكتور طه عبد العزيز يقوم بالتوصيلات اللازمة لعمل صدمة  ولاحظ – بالطبع – د. طه عبد العزيز أنه لم يظهر على شاشة الجهاز أي أثر لرسم القلب، لقد كان مظهر الرئيس أنه ميت منذ فترة لا تقل عن ساعة!!
ولكن أحيانا يبزغ خاطر كالشهب،أن أحاسيس الإنسان تخدعه وأن الآلة قد تكون أصدق تطبع قبلة الحياة على الجسد الميت..وهذا ما دعاه – كما سبق القول – إلى إعطائه أدرينالين لتحريك عضل القلب وعندئذ بدأ الصدمة الأولى وانتفض الجسم وظن الذين حبسوا أنفاسهم أن المعجزة قد وقعت وأن الحياة قد دبت في الجسد الميت، لكن لم تكن هناك ثمة معجزة، فمن المألوف أن ينتفض الجسم الميت إذا ما انعقدت الدائرة الكهربائية حول القلب ومست الأعصاب).  

س: إذا سمحت لي يا دكتور صاوي أنا عاوز تفاصيل كاملة عندما حضرت أنت والدكتور منصور والدكتور الرملي وتأكدتم تماما من الخطر ووجود انسداد في الشريان التاجي.ماذا أعطيتم للرئيس عبد الناصر؟
جـ: لأ، تسألني أعطيتم له إيه بالضبط ده سؤال يسأله دكتور إنما لا يسأله كاتب أو صحفي.. لأنه في هذه الحالة لا يفيد..
س: هناك اتهام يا دكتور صاوي وكلام قيل أنك أعطيت للرئيس عبد الناصر حقنة أنتستين.. أنا أريد توضيح هذه النقطة..
جـ: لا يوجد أنتستين في الحالات اللي زي دي،
س: ربما أعطيته دواء منشطا للقلب وهو فسر هذا الدواء بأنه أنتستين؟
جـ: أنتستين؟ليس له دور في هذا الموضوع..ده دواء للحساسية ومالوش دور يعني..أبدا، وهل الانتستين يموت؟!

التقرير الرابع : تقرير د. منصور فايز 

وحتى يحسم الموضوع في رأسي أطلعت على كتاب د. منصور فايز الطبيب الخاص للرئيس (مشواري مع عبد الناصر) وجاءت أقواله التي بقلمه تؤكد على الخلل الطبي الواضح الذي كان يومها في غرفة نوم الرئيس فهو يقول ص 173 من كتابه (أبلغني د/ الصاوي في كلمات موجزة أن الرئيس قد أحس بالتعب أثناء توديعه أمير الكويت في المطار وأنه قام بفحصه وأجرى له رسما كهربائيا في القلب تبين منه وجود جلطة جديدة في الشريان التاجي مصحوبة باضطراب في ضربات القلب وأنه بدأ العلاج فورا) ..

ولكنه يعود في ص 174 ويقول:"قمنا بفحص الرئيس واطلعنا على رسومات القلب التي أجريت له على الفور واتضح لنا من الفحص الإكلينيكي الذي وقعه كلا منا وكذا من دراسة الرسومات الكهربائية للقلب أن الرئيس جمال عبد الناصر قد أصيب بجلطة حديثة في الشريان التاجي للقلب", وبعدها بدأنا العلاج المركز للرئيس.
 فمن الذي بدأ العلاج ومن الذي قرر الحالة د. الصاوي وحده أم معه د. منصور فايز؟! 
ولماذا لم يكن الإسراع بإحضار جهاز تنظيم ضربات القلب حيث لم يستخدم إلا بعد الوفاة والتي كانت حدثت من ساعة قبل استخدامه؟! 

التقرير الخامس : تقرير الطبيب الروسي 

ثم كانت ملحوظة كبير أطباء الكرملين الطبيب الروسي (شازوف) في كتابه (الصحة والسلطة) من أنه فحص الرئيس بعد النكسة واتضح له أنه يعاني من تصلب الشرايين، وأنها وصلت إلى القلب وكونت عنده مرض (احتشاء القلب) أي إصابة أجزاء منه، وأنه في حالة السكر مع احتشاء القلب يقال أن المريض (يحترق) مع أي توتر،وبالفعل حرقت السياسة عبد الناصر..

ثم يعلق على تقرير الأطباء عن وفاة الرئيس (أنه كتب فيه وقد أجريت لسيادته جميع الإسعافات اللازمة بما في ذلك استعمال أجهزة تنظيم القلب؟!). وكأنهم لا يعلنون الوفاة وإنما يعطوننا درسا في الطب أو كأنهم بشكل نفسي ينفون أنهم أهملوا في علاجه فمثل هذه الأشياء لا تكتب في تقارير وفاة عن رئيس دولة من المفترض أنه تحت أفضل عناية طبية؟! 
وتبقى لملاحظة (شاذوف) وجاهتها!! ,,

ثم نعود لحكاية القتل بالسم، والتي أعجبت فريقا من الصحفيين أوحكاية د. العطفي وتدليك عبد الناصر بالسم..

أما سر الاهتمام فهو حكاية د. العطفي نفسه (ومن خلال أوراق القضية 4 لسنة 79 أمن دولة) وكما كتب عنها فإنه في نهاية الخمسينات سافر العطفي الذي كان وقتها مدلكا بالنادي الأهلي إلى أمستردام ومعه مدرب كرة القدم عبده صالح الوحش،وفي هذه الزيارة تعرفا معا على فتاتين هولنديتين وكان أن تزوج العطفي آنا ماريا جوهاني وتزوج عبده صالح الوحش صديقتها،ومن هنا بدأت رحلات العطفي إلى أمستردام تتكرر دون أن يثير ذلك شكوك رجال الأمن؛ فقد اتخذ العطفي زوجته ستارا لإتصالاته بالإسرائيليين..


علي العطفي
وحصل العطفي على شهادة الدكتوراه في العلاج الطبيعي بطريقة غامضة، وهذا ما فتح له الباب ليصبح عميدا لمعهد العلاج الطبيعي بالقاهرة،وكان قد نجح قبل ذلك في توطيد علاقته بأنور السادات!!

فهل دخل العطفي بيت الرئيس عبد الناصر في منشية البكري عن طريق السادات؟!

وقبل هذا: هل دخل العطفي – فعلا – بيت الرئيس ناصر وقام – فعلا- بمهمة تدليك ساقه؟!..
لا يوجد في أوراق القصة ما يشير إلى ذلك، إلا أنه من الملاحظ أن العطفي كان يصر في التحقيقات على أنه لم يعمل لحساب المخابرات الإسرائيلية إلا منذ عام 1976 أي بعد وفاة عبد الناصر بست سنوات ! .


لكن المحقق استطاع أن يواجهه بمعلومات تسجل عليه أنه قام بإرسال معلومات عن طريق اللاسلكي منذ عام 1971 وهذه المعلومات ثابتة بموجب التسجيلات الرقابية التي ترصدها محطات التسجيل التابعة للمخابرات، وهنا انهار العطفي واعترف أنه كان يعمل لحساب الإسرائيليين منذ عام 1969 (!!) 

على أنه لم يشر إلى أنه قام بتدليك ساق عبد الناصر بالسم! ولم يثبت أنه دخل بيت عبد الناصر، فمحمود فهيم سكرتير وحارس الرئيس قرر أنه هو الذي كان يقوم بتدليك عبد الناصر، وأنه أخذ فرقة سريعة لذلك، وأن العلاج بالتدليك كان لفترة قصيرة ولم يكن يعجب عبد الناصر فواظب على علاج المشي.وكذلك قرر السيد/ شعراوي جمعة بأن الدكتور العطفي أو العاطفي لم يدخل بيت الرئيس،وهذا من مصادر موثوق فيها ..
وسألت كذلك المسئولين عن ذلك: محمد أحمد، ومحمود فهيم؛ فأكدوا لي ما وصلت إليه، ومحمود فهيم هو الذي كان بيدلك الرئيس ومعاه واحد ثاني اسمه زينهم انتقل بعد ذلك لتدليك السادات.

وقد سأل الصحفي سليمان الحكيم، د.منصور فايز عن ذلك ونشر في جريدة الأنباء الكويتية في 30/ 9/ 1989 : 
- ما رأيك في الإشاعات التي ترددها بعض الأجهزة الأجنبية، والتي تقول إن إسرائيل نجحت في زرع طبيب علاج طبيعي اسمه علي العطفي كان يقوم بتدليك الرئيس بمادة سامة بطيئة المفعول أدت إلى وفاته؟
ج- لم يكن اسم الدكتور علي العطفي من بين المترددين على منزل الرئيس عبد الناصر وعلى فرض أن لهذا الاسم وجودا فإن الرئيس لم يخضع للعلاج الطبيعي إلا لفترة محددة بدأت بعد عودته من تسخالطويو في نهاية 1968 وانتهت لدى إصابته بالأزمة القلبية الأولى عام 1969 حين أمرت أنا بوقف هذا العلاج الطبيعي لتعارضه مع علاج المصاب بالقلب وكان طبيب العلاج الطبيعي هو الدكتور فودة، الضابط مسئول العلاج الطبيعي بمعهد التأهيل بالعجوزة..

خالد جمال عبد الناصر ينفي وفاة ابوه بالتدليك بالسم 

وفي يناير سنة 1968 قابل الصحفي مصطفى بكري في يوغوسلافيا خالد عبد الناصر حيث كان خالد هناك إثر الأزمة التي أعقبت كشف تنظيم ثورة مصر وسأله بالتحديد  "ردد البعض أكثر من مرة أن الزعيم قد توفي بفعل مؤامرة إسرائيلية أمريكية عبر تدليك جسمه بالسم البطيء، كما تردد أن الدكتور علي العاطفي عميد معهد العلاج الطبيعي سابقا وأحد الذين كانوا يعالجون عبد الناصر قد اعترف بذلك داخل السجن.. ما مدى صحة ذلك؟ 
أجاب خالد: طبعا كانت هناك مؤامرات أمريكية وإسرائيلية دائمة ضد عبد الناصر هذا معروف، لكن هذه الواقعة ليس لي بها علم، ولا أذكر أنني رأيت علي العاطفي هذا من قبل.

وبعد كل ذلك لا يزال السؤال مفتوحا هل مات عبد الناصر تنفيذ لإرادة الله بالقضاء والقدر؟ أم مات قبل أوانه بفعل فاعل لا يزال مجهولا؟ أو بخطأ حتى الآن لا يعترف به أحد؟

شهادة وفاة الرئيس جمال عبد الناصر لم تكتب حتى الآن لعدم تشريح الجثة!

وقد ابقى السؤال مطروحا، حضور الدكتور كمال مصطفى كبير الأطباء الشرعيين" وكيل وزارة العدل للطب الشرعي" وكانت قد أثيرت بعض الأقوال حول أسباب الوفاة بما يناقض ما جاء في تقرير الأطباء، وطلب التقرير واطلع عليه إلا أنه رأى ما جاء فيه غير كاف لإصدار شهادة وفاة أو ما يسمى بتصريح الدفن،وعلى هذا فإن القانون يقضي بتشريح الجثة لإصدار هذه الشهادة،ورفض أنور السادات تشريح الجثة،وقال ساخرا: "هو الحانوتي يقول لنا لأ إلا بالشهادة؟"  
والواقع أن غموضا شديدا يحيط بوصول كبير الأطباء الشرعيين إلى قصر القبة؟!. 

شهادة سامي شرف 

في سنة 1996 تكلم سامي شرف الذي صمت طويلا،ومن المعروف أنه (رجل معلومات الدولة) وذلك في كتاب (عبد الله إمام): "عبد الناصر كيف حكم مصر؟!".. وأنقل من الكتاب ما يهم موضوعنا لأهميته...  
سامي شرف

يسأل (عبد الله إمام): - نعود إلى غرفة نوم الرئيس، وقد سمعت أن الأطباء عندما أرادوا استخدام جهاز الصدمات الكهربائية وجدوه لا يعمل؟
- لا ليس هذا صحيحا...جهاز الصدمات الكهربائية عمل أكثر من مرة.
س- تردد أنه لم يكن في البيت أنبوبة أكسجين؟
ج- عندما دخلت غرفة نوم الرئيس كان فيها أنبوبة أكسجين
س- ألا تشك في شيء غير طبيعي وراءه وفاة الرئيس؟
ج- في تلك الفترة لم يكن واردا أي شك في طبيعة وفاة الرئيس
س- ألم يشك تقرير الأطباء الشرعيين في هذه الوفاة؟
ج- كيف؟!! تقرير الأطباء الشرعيين واضح.
س - لأنه لم يجر أي تشريح للجثة..؟
ج- هذا الموضوع إذا حللناه بمنطق ومصداقية وعقلانية  
سنقول الآتي: رئيس دولة توفي ليس هناك شكوك جنائية حول الوفاة، بل سبقت الوفاة ظروف مرضية قد تؤهل لحدوث الوفاة وخصوصا ظروف المرض بعنصرين  رئيسيين وهما مرض السكر، ومرض القلب.
س- من الذي أثار موضوع تشريح جثة الزعيم؟   
 ج- حسن التهامي طلب تشريح الجثة لا لأن هناك شبهة ,  ولكن لأن ذلك هو المتبع مع رؤساء الدول.


بقلم الكاتب الروائي والصحفي /
أشرف مصطفى توفيق

( مستشار سابق بالمحاكم العسكرية )
Ashraftawfik11@gmail.com
وقد صدر له العديد من الكتب والتحقيقات التاريخية لاحداث مهمة في تاريخ مصر القديم والمعاصر على سبيل المثال : نساء الملك فاروق , صباح الخير أيها العشاق , الأحكام العسكرية 

اضف تعليق

أحدث أقدم