أحمد الأسيوطي :
ذات مرة سألني ملحد :
ذات مرة سألني ملحد :
لماذا لم يذكر " الله " الديناصورات في القرآن الكريم ؟
قلت :
وهل كان الإنسان العربي حينها ينتظر مثلا اية تخبره أفلا ينظرون إلى الديناصورات كيف خلقت ؟ حتى يؤمن ؟!!
ان القرآن الكريم كتاب ذو غرض , وغرضه هو الهداية ( لا ريب فيه هدى للناس )
فإذا ما كشف لنا الزمان ان بعض ايات القرآن كنت تخفي اعجازا علميا لم يكن تم اكتشافه
فذلك ليس مقصودا في ذاته
كل الحكاية ان ربنا هو اصدق القائلين ( ومن اصدق من الله قيلا )
فإستحالة ان يأتي العلم بيقين يخالف كلام العليم ( الله ) سبحانه
فمثلا :
قوله تعالى ( ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء ) صدق الله العظيم
هذه الاية هي مثال للشخص الضال الذي يضيق صدره من سماع الحق فيكون كمن يصعد الجبال الذي يلهث بسبب تسلق الجبال فيحاول ان يملأ صدره بالهواء بعدما ضاق من مشقة الصعود
هذه المشقة يعلمها أولئك الذين خاطبهم الله بهذا الكلام وضرب لهم به المثل
لأن الله سبحانه يضرب المثل للتوضيح والبيان
وهذا يعني ان المضروب به المثل لتوضيح الكلام الاصلي يجب ان يكون اوضح واشد بيانا للمخاطب به من الأصل نفسه
لأن المثل يوضع ايضا لإزالة الغموض ويستحيل ان يضرب مثل بشيء اكثر غموضا من الاصل المراد ايضاحه
فإذا ما كشف لنا العلم الحديث أنه :
يقل الاكسجين كلما إرتفعنا إلى أعلى
فهذا ليس معناه ان الاية كان غرضها تأصيل نظرية علمية !!
وكل ما هنالك
أن العلم يستحيل ان ينقض كلام العليم
وان العليم يستحيل ان ينسى ما علم وما عملت يداه فيأتي بكلام أو مثال يناقض علمه وعمله في الخلق
ولأنه كتاب هدايه
فهو يحض على العظة والاعتبار
ولا يمكن أن اعظ أنسان واطلب منه الإعتبار بما لا يعلم أو بما لم يقع , او وقع ولكن لا يتصل به علمه
فالديناصورات امر واقع
ولكن علم العرب به لم يكن اتصل به أي لم يعرفوا ذلك
فكيف أطلب منهم الاعتبار بأمر غامض
وكيف استدل على عظمة الخالق بمخلوق لا يعرفوه
فالله سبحانه عندما طلب منهم الاعتبار بما جرى للأمم السابقة ذكر لهم بعض من اخبار هذه الأمم أما ما لا يعرفونه فقال ( منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص )
وحين استدل على عظمة الخالق طلب منهم :
( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت )
مع أن الفيل أكبر
والحوت الأزرق أكبر وأكبر
ولكن اخر فيل رأوه في حياتهم كان فيل ابرهه وبعضهم كالنبي محمد نفسه لم يرى فيلا في حياته !!
ناهيك عن الحوت الأزرق الذي هو اكبر كائن حي على وجه الأرض حاليا !!
فالقرآن الكريم كتاب يراعي اغراضه وهي الهداية والارشاد والموعظة والاعتبار والدعوة إلى التوحيد والتذكير بالثواب والعقاب
وليس من اغراضه ان يكون كتابا علميا في الطب أو الهندسة أو الطبيعة
ولكن لا يعني هذا انه يتعارض مع الطب او الهندسة أو الطبيعة
لأن المخاطب ( الله عز وجل ) هو الخالق للطب والهندسة والطبيعة
اقول هذا بمناسبة الحديث عن الثقب الأسود الذي تم تصويره لاحقا
حيث قال البعض هل تحدث القرآن الكريم عن الثقوب السوداء ؟
ورد اخرون بما جاء في كتاب الله ( فلا أقسم بالخنس , الجوار الكنس )
بإعتبار ان الثقب الاسود هو مكنسه النجوم
واني أرى ان القسم يكون من اغراضه لفت انظار السامع إلى المقسوم به لعظمته او لشيوع نعمته حتى غابت عن الاعتبار مثل القسم بالليل وبالنهار !!
ولكن .. تعالوا نضع أنفسنا موضع العربي المخاطب بهذا الكلام
لقد كان العربي بليغا ويفهم معنى البلاغة ولا يأخذ كل لفظة على حده , فالجملة او العبارة بالنسبة للعربي هي لوحة فنية مرسومه يراها بعقله بوضوح وبديهية
فالخنس هي الشيء الخفي
الجوار الكنس : الجوار لفظ يفيد التغير والحركة مثل قولنا الأمور الجارية او ما جرت به الامور او الايام تجري بنا
الكنس : يراد بها الماحيات
فيكون المعنى المتبادر من قوله ( فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس ) أي الامور التي خفيت بعدما جرت عليها أمور كنس فكنستها وأنستها أو اخفتها او استبدلتها اي نسختها ( ما ننسخ من آية او ننسها نأت بخير منها أو مثلها )
فهكذا ببساطة قد يصله معنى : الأيام الغابرة !! على سبيل المثال
ولا حاجة به ولا بنا للتفتيش عن نظرية فلكية !!
وان كان اخفاء النص لنظرية علمية امر غير مستبعد لان العلم ..لا يعارض العليم والمخلوق لا يعارض الخالق في خلقته !!
اقرأ ايضا :
هل الدين من اختراع البشر, وليس من عند الله ؟
الدين بالولادة إجبار , ولكن البقاء فيه إختيار
هل المسيح عيسى بن مريم حي أم ميت ؟ وهل سينزل آخر الزمان ؟
اقرأ ايضا :
هل الدين من اختراع البشر, وليس من عند الله ؟
الدين بالولادة إجبار , ولكن البقاء فيه إختيار
هل المسيح عيسى بن مريم حي أم ميت ؟ وهل سينزل آخر الزمان ؟
---
أحمدالأسيوطي