أقلام الطين بقلم الكاتب إبراهيم الصعب

أقلام الطين , بقلم إبراهيم الصعب 

عندما تذكر الأقلام أمامنا  دائمًا يشد أذهانًا ما هو عملها،  ولم خلقت؟ وبم نطقت؟  نعم هي لنا لتبوح بكل ما أوجعنا وما أسعدنا  لتكون لنا الفكر الأجدر ولعالم الأجمل، لقد كان مصير كل أقلام العالم أن تخط الحروف، ترسم الأزهار والفراشات، ترسم الربيع، ترسم ضحكات الأطفال على الأوراق،  لتدون في ذاكرتهم أجمل اللحظات، إلا أطفالنا الذين غزت الحرب طفولتهم، وشوهت احلامهم لتصبح أيامهم مفتقرة كافرة بكل العلم والمستحقات، فلا يملكون الدفاتر ولا الألوان، كأنهم ينتمون لكوكب آخر... 

عالم يحفه الجهل ومليء بالمشقات، لا شيء سوى الطين يملأ المكان في الشوارع و حول الخيام، حتى  أحلامهم، وألعابهم، وأقلامهم من بقايا طين جاف يحاولون رسم أوجاعهم على الجدران لتعكس تلك الرسوم  على وجوههم لوحات بكل أشكال الإرهاب،  وتروي أناملهم قصص العذاب، فهذا طفل يجمع ثمن أرغفة خبز بعد نهار شاق، وذاك يجمع بقايا الحقول من بعد الحصاد، على ثمنها يكفي علبة دواء، وآخر يلملم عشائه من بقايا الأسواق، فما هذه الحياة التي فقدت معناها أمام أطفالنا كما أفقدوهم البراءة، ليكونوا رجالا بهياكل أطفال، لقد مات العلم وعمّ الجهل... 

ليس لفقد الأجيال الدفتر ولقلم ولكتاب، بل لفقد أصحاب الضمائر ضمائرهم، ولفقد القادات مبادئهم، ولفقد العرب أخلاقهم، ولقد مات العلم، وكان الكفن أعلامهم  المطلية بدماء الشهداء، ليبقى قلمك الملطخ بالطين يا ولدي هو العلم الباقي الذي سيحمل  للأجيال القادمة كل الحقائق المخفية.

 اكتب يا ولدي، ودوّن على جدران المخيمات، اكتب ريثما  يمضي الوقت لتحظى  بشهادتك، شهادة 

ليست من ورق وبعض حروف وكلمات، بل شهادة عز من رب السماء. 


أحدث أقدم